سورة يوسف - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


قوله تعالى: {إِذ قال يوسف لأبيه} في {إِذ} قولان:
أحدهما: أنها صلة للفعل المتقدِّم، والمعنى: نحن نقص عليك إِذ قال يوسف.
والثاني: أنها صلة لفعل مضمر، تقديره: اذكر إِذ قال يوسف، ذكرهما الزجاج، وابن الأنباري.
قوله تعالى: {يا أبت} قرأ أبو جعفر، وابن عامر بفتح التاء، ووقفا بالهاء، وافقهما ابن كثير في الوقف بالهاء، وقرأ الباقون بكسر التاء. فمن فتح التاء، أراد: يا أبتا، فحذف الألف كما تحذف الياء، فبقيت الفتحة دالة على الألف، كما أن الكسرة تبقى دالة على الياء. ومن وقف على الهاء، فلان تاء التأنيث تبدل منها الهاء في الوقف. وقرأ أبو جعفر أحد عشر، وتسعة عشر، بسكون العين فيهما.
وفي مارآه يوسف قولان:
أحدهما: أنه رأى الشمس والقمر والكواكب، وهو قول الأكثرين. قال الفراء: وإِنما قال: {رأيتهم} على جمع ما يعقل، لأن السجود فعل ما يعقل، كقوله: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} [النمل: 18]. قال المفسرون: كانت الكواكب في التأويل إِخوته، والشمس أمه، والقمر أباه، فلما قصَّها على يعقوب أشفق من حسد إِخوته. وقال السدي: الشمس أبوه، والقمر خالته، لأن أمه كانت قد ماتت.
والثاني: أنه رأى أبويه وإِخوته ساجدين له، فكنى عن ذكرهم، وهذا مروي عن ابن عباس، وقتادة. فأما تكرار قوله: {رأيتهم} فقال الزجاج: إِنما كرره لمَّا طال الكلام توكيداً.
وفي سن يوسف لما رأى هذا المنام ثلاثة أقوال:
أحدها: سبع سنين. والثاني: اثنتا عشرة سنة والثالث: سبع عشرة سنة.
قال المفسرون: علم يعقوب أن إِخوة يوسف يعلمون تأويل رؤياه، فقال: {لا تقصص رؤياك على إِخوتك فيكيدوا لك كيداً}، قال ابن قتيبة: يحتالوا لك حيلة ويغتالوك. وقال غيره: اللام صلة، والمعنى: فيكيدوك. والعدو المبين: الظاهر العداوة.


قوله تعالى: {وكذلك يجتبيك ربك} قال الزجاج، وابن الأنباري: ومثل ما رأيت من الرفعة والحال الجليلة، يختارك ربك ويصطفيك من بين إِخوتك. وقد شرحنا في [الأنعام: 87] معنى الاجتباء. وقال ابن عباس: يصطفيك بالبنوة.
قوله تعالى: {ويعلمك من تأويل الأحاديث} فيه ثلاثة اقوال:
أحدها: أنه تعبير الرؤيا، قاله ابن عباس ومجاهد، وقتادة، فعلى هذا سمي تأويلاً لأنه بيان ما يؤول أمر المنام إِليه.
والثاني: أنه العلم والحكمة، قاله ابن زيد.
والثالث: تأويل أحاديث الأنبياء والأمم والكتب، ذكره الزجاج. قال مقاتل: و{من} هاهنا صلة.
قوله تعالى: {ويتم نعمته عليك} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: بالنبوة، قاله ابن عباس.
والثاني: باعلاء الكلمة.
والثالث: بأن أحوج إِخوته إِليه حتى أنعم عليهم، ذكرهما الماوردي.
وفي {آل يعقوب} ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم ولده، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: يعقوب وامرأته وأولاده الأحد عشر، أتم عليهم نعمته بالسجود ليوسف، قاله مقاتل. والثالث: أهله، قاله أبو عبيدة، واحتج بأنك إِذا صغَّرت الآل، قلت: أُهيل.
قوله تعالى: {كما أتمها على أبويك من قبل إِبراهيم وإِسحق} قال عكرمة: فنعمته على إِبراهيم أن نجاه من النار، ونعمته على إِسحاق أن نجاه من الذبح.
قوله تعالى: {إِن ربك عليم} أي: عليم حيث يضع النبوة {حكيم} في تدبير خلقه.


قوله تعالى: {لقد كان في يوسف وإِخوته} أي: في خير يوسف وقصة إِخوته {آيات} أي: عِبَر لمن سأل عنهم، فكل حال من أحواله آية. وقرأ ابن كثير {آيةٌ}. قال المفسرون: وكان اليهود قد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف، فأخبرهم بها كما في التوراة، فعجبوا من ذلك.
وفي وجه هذه الآيات خمسة أقوال:
أحدها: الدلالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم حين أخبر أخبار قوم لم يشاهدهم، ولا نظر في الكتب. والثاني ما أظهر الله في قصة يوسف من عواقب البغي عليه. والثالث: صدق رؤياه وصحة تأويله. والرابع: ضبط نفسه وقهر شهوته حتى قام بحق الأمانة. والخامس: حدوث السرور بعد اليأس.
فإن قيل: لم خص السائلين، ولغيرهم فيها آيات أيضاً؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن المعنى: للسائلين وغيرهم، فاكتفى بذكر السائلين من غيرهم، كما اكتفى بذكر الحر من البرد في قوله: {تقيكم الحر} [النحل: 81].
والثاني: أنه إِذا كان للسائلين عن خبر يوسف آية، كان لغيرهم آية أيضاً؛ وإِنما خص السائلين، لأن سؤالهم نتج الأعجوبة وكشف الخبر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8